الى المغني الشعبي صالح الفرزيط: هذه الأغاني ليست من ابداعك لأنها زندالية
* الاستاذ عبد المجيد الساحلي
عجيب أمر ذلك المغني الشعبي صالح الفرزيط الذي كلما أدلى بتصريح الى الاذاعة أو الى بعض الصحف السيارة الا ونسب جل الأغاني التراثية الى رصيده الغنائي تأليفا وتلحينا من ذلك ان أغنية «المنفي» وأغنية «جنة واطرافك نار» وغيرها من الأغاني التي راجت بأصوات شبابية مثل نوال غشام التي غنت الأغنية الاخيرة في عدة مناسبات ومهرجانات مازال يدعي صالح الفرزيط أحقية امتلاكها تأليفا وتلحينا. لكن فاته ان تلكم الأغاني وهي عديدة هي من صنف الأغاني الزندالية نسبة الى الزندالة وهو مصطلح تركي يعني السجن اي أنها من تأليف وتلحين بعض السجناء من أولئك الذين يقضون عقوبتهم في بعض السجون فيغتنمون فسحة (الأريا) Aria لتأليف بعض الأغاني تروي بعض أطوار مآسيهم فتروح على نفوسهم المكدودة.
ولا أدل على ذلك من ان أغنية «المنفي» التي يدعي صالح الفرزيط ملكيتها ابداعا وامتاعا تعود الى القرن الماضي وهي مجهولة المؤلف والملحن ولا يذكر منها الا صفة (المنفي) عنوان الأغنية والتي تدل دلالة واضحة على ان صاحبها قد حكم عليه بالنفي.
فهي اذن أغنية زندالية من حيث النمطية القولبية وكانت متداولة قبل ان يولد المغني الشاب صالح الفرزيط او زميله لطفي جرمانة صاحب الاغنية الشهيرة، «بيني وبينك سبعة بحور لا طيارة ولا بابور» كما ان تلك الاغنية التي طالعها «قولوا لأمي ما تبكيشي يا المنفي» لا تقل مأساة عن ذلك المنفي في سجن غارالملح (Porta Farina) والذي كان يغني أغنيته الشهيرة عن حبيبته فاطمة التي خانته مع حارس السجن فيقول لها يا فاطمة بعد النكد والغصّة، يدور الفلك ونروّح للمرسى.
فلا غرو اذن ان تشتهر تلكم الأغاني الخاصة بالسجناء المنفيين بأصوات طربية مثل المرحوم المطرب القيرواني عمر البكوش او المرحوم المطرب والملحن محمد النوري صاحب أغنية والله يالو ما نخاف من الله، التي سجلتها المطربة نبيلة التركي وكانت لها بمثابة بيضة الديك.
وغير خاف على القراء الأعزاء لجريدتنا الغراء ان قائمة تلكم الأغاني الزندالية قد راجت بعدة أصوات شبابية مثل أمينة فاخت في أغنية بجاه الله يا حب اسمعني سامورك شعال بعد ان كان فاز الهادي حبوبة بقصب السبق في تسجيلها في مطلع السبعينات من القرن العشرين في باريس وغنتها من بعده زهير سالم في تونس كما غنت وسجلت أمينة فاخت أغنية : على الجين عصابة، وهي من الأغاني التراثية التي اشتهرت بصوت قاسم كافي في الستينات. ثم بصوت الدكتورة نورة أمين زوجة الدكتور الاسعد قريعة في التسعينات ولم تضف اليها أمينة فاخت الا ترنيمة «هيلا هيلا يا شوشان وهو خادم الجحفة عندما غنتها ثانيا (DUO) مع المطرب الهادي فنينة شهر دنيا.
كذلك الشأن بالنسبة الى أغنية جنة وأطرافك نار فهي خريجة السجن المدني اي انها تنتمي الى النمطية الزندالية مبنى ومعنى ومغنى ومغزى مثل أغنية قالوا مجدة التي منعت من التداول لتضمينها أسماء رجال القضاء ولسان الدفاع.
ولا أدل على ذلك من ان مؤلفها وهو سجين يقضي عقوبته بالسجن فأودع اسم الحاكم وهو المرحوم محمد فرحات واسم المحامي وهو المرحوم عبد الرحمان الهيلة وأخيرا ضمن اسمه مجدة اي تصغير لاسمه الكامل عبد المجيد ومهما يكن من أمر فإن جل تلكم الأغاني التراثية سواء كانت من صنف الزندالي او الفلكلوري او الملحمي او الشعبي فإنها تروي مأساة مؤلفيه او السيرة الذاتية لأعلامها بصرف النظر عن انتمائهم الطبقي او انتسابهم الاجتماعي.
Vous ne pouvez pas poster de nouveaux sujets dans ce forum Vous ne pouvez pas répondre aux sujets dans ce forum Vous ne pouvez pas éditer vos messages dans ce forum Vous ne pouvez pas supprimer vos messages dans ce forum Vous ne pouvez pas voter dans les sondages de ce forum
Toutes les heures sont au format GMT + 2 Heures
Page 1 sur 1